أخر الاخبار



مقالات -مقال "ع النوتة "


..

مقالات -مقال "ع النوتة "


...
" ع النوتة "
...


أراها هناك مستندة إلى الحائط ولكنى ينتابني دائما شعور أن المنزل بأكمله يستند إليها 

وكأنها بالرغم من ضعفها عماده بفقدانها ربما ينهار المنزل بأكمله، ولكن  ليس الإنهيار

 الكامن بجدرانه ولكن قِيمُه ومبادئه .



..

..



 إنها عصا جدى رحل ولكنها باقية معنا لتذكرنا كلما نظرنا إليها بقصصه وأحجيته 

التي كنت أشعر بالملل منها أحيانا وبالسعادة أحيانا وبالشفقة عليه كثيرا ، كثرة الحديث


 كانت موهبته الفريدة التحدث عن الماضي وتعجبه للحاضر وتخوفه من المستقبل كان 


ما يشغله ، كلما نظرت إلى عصاه أتخيله أمامي وهو جالس على أريكته ُمستنداً عليها 


ويتأرجح بها بحديثه حتى أنها سارت كاتمة أسراره ومجلد أصم يحوى قِصَصُه وأحجيته ..

..

..

..

..

مقالات -مقال "ع النوتة "
مقالات -مقال "ع النوتة "

..
..
..
..
..

ذات مرة وأنا جالسة إلى جواره أتمنى أن ينتهى حديثه حتى ألتقط أنفاسي حتى نظر 

إلى وتوقف عن حديثه قائلا " أتَدرين بُنيتى هذا العالم غير عادل بالمرة ليجعل شخص

 مثلى بكل ما يمتلك من حكمة الحياة يتحدث إلى شاردة مثلك لا تَعى لا تقدر لا تبالى

 لما أقول ، تجلس فقط حتى لا يقال عنها أنها لا تحسن التعامل مع الكبار .

..
..
..
..
..
..
..
..

أخبرينى لما لا تتمردي على حديثي المَلُول لما لا تثوري  وتخبريني أنك لا ترغبي 

بسماع المزيد " ساد الصمت بعد كلماته كثيرا كنت أرتب كلمات تليق لأخبره بها ، 

ولكن بماذا أخبره.. أخبره أنني حقا آمل كثيرا لحديثه ، كثيرا أبغضه وأنني حقا أخشى 

أن يقال عنى أنني لا أجيد التعامل مع الكبار .
..
..
..
..
..
..
..
..
مقالات -مقال "ع النوتة "


مقالات -مقال "ع النوتة "
..
..
..
..
..
..
..

لم ينتظر جدى طويلا وأخبرني قائلا كفاكِ بُنيتى كِبراً وإستمعى لكلماتي الأخيرة لكي ، 

يعجبني جلدك لسماعي ويعجبني جلوسك إلى جواري ولكن عساكِ أن تفعلي ما يفوق 

طاقتك يوما وما يشعرك بأنك مستهلكة .
..
..
..
..
..
..

حديث جدى جعلني أتساءل أحقا يمكنني أن أثور لحديثه وأخبره أنني لا أطيق الكثير

 منه 
، أحقا يُمكننى إخباره برغبتي بالرحيل وعدم سماع المزيد .
..
..
..

نظر جدى لي حينها قائلا : هناك شعرة ما بين حسن الخلق وإستهلاك الروح ، الْجَلَد

،الجود ،الوفاء ،الأصالة ، الإخلاص وغيرها من حسن الخلق يقابل كل منها جزء

مستقطع من روحك لبذله فإن بذل لمن
 لا يستحقه فإنه إستهلاك للروح فالخوف من حكم

البشر هو أشد عقاب لِجَلْد الذات .

..
..
..
..
..
..

ستتقلدين فى الحياة أدوار كثيرة فأنتي " الإبنة والحفيدة والأخت والصديقة والزوجة

،والأم
  والعمة والخالة وغيرها حتى تنتهى تلك الدائرة وتكونين الجدة الحكيمة التي يَمل

 أحفادها لسماعها فى النهاية ، الحياة بكل ما فيها لا تحتمل أن تتكبدي المتاعب خشية

حكم الغير .ثم ذكر لي قوله تعالى فى سورة الأحزاب .


.بسم الله الرحمن الرحيم  

(وَتَخْشَى النَّاسَ وَ اللهَّ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ)
  صدق الله العظيم ..

..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..

إنتهى حديث جدى وأدركت بمرور الأيام حكمته وتمنيت حينها لو أنه على قيد الحياة

لأستمع إلى المزيد من قصصه وأحجيته .
ذلك الجد الذى رحل بعدما كان أوشك أن 

يكمل عقده الثامن  ،  أراد أن يرسم لي نهجاً أسير على دربه  أبذل وأتقلد مكارم 

الأخلاق ولكن لمن يستحق لا لمن يريد إستهلاكي ، روعة الحياة بجمال علاقات البشر

 فيما بينهم ، أن تكون صديق صادق لصديق يبادلك نفس الصدق ، أن تكوني زوجة 

مخلصة لزوج يقدر هذا الإخلاص ، أن تكون أباً معطاء لإبنٍ بار ، وغيرها الكثير 

هنا تَكمن روعة الحياة .

..
..
..
..
..
..
مقالات -مقال "ع النوتة "


مقالات -مقال "ع النوتة "

..
..
..
..
..
..
..

أراد أن يُخبرنى أن لا أفعل شئ لأنعت بصفات الكرم والوفاء والإخلاص والوفاء

خاصة إذا كانت لمن لا يستحق ، أن لا أقبل بتلك المشاعر المؤجلة ، أدركت بمرور

الحياة أنه لم يكن يخبرني بذلك لأثور وأتمرد لحديثه أو أنا أعامل الجميع
  بما هو أهل

 له ولكن أراد أن يخبرني أن القليل من الكثير من البشر يستحق أنِين قلوبنا لأجل سَكينة 

قلوبهم.

..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..

فى نهاية حديث جدى أخبرني قائلا " قديماً يا إبنتي وربما لا يزال الأمر قائماً عندما

كان يرغب شخص ليس لديه مال أن يبتاع شيئاً ما كان يبتاعه ويخبر البائع قائلا
 "دَون

عندك ع النوتة " وربما يظل هذا الرجل يبتاع لأجل والبائع صبور عليه لأنه جار أو

قريب فأنا لا أريد لك أن تكوني يوما ما لديك شعور هذا البائع
  فهو لديه الكره بداخله

لهذا الصبر ولكنى يخشى ما يخشى من حكم الغير عليه .

..
..
..
..
..
..
..
..

 ولا تكن روحك يوما مثل هذه النوتة فهي مستهلكة من البائع والمشترى فالمشترى

يبغضها لأنها تذكره بديونه والبائع يبغضها لأنها تذكره بحقوقه فكلاهما يبغضها ويرغب

بتمزيقها ولكنها الملجأ الوحيد لهما ليسد المشترى حاجته ويدون البائع حقوقه ولكن فى

النهاية إذا إنتفت حاجة كلاهما لها سَيُلقى بها لا محالة ...

..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..

صدق جدى حينما أخبرني أن هذه الحياة بكل ما فيها لا تَحتَمل أن يتكبد الإنسان المزيد

 من الثقل  "فحينما تخبرنا جميع الحقائق حولنا
 بالرحيل فلا فائدة من البقاء فأشد الأشياء

قسوة أن تحيا كجسد بروح تحتضر "  وتذكرت حينها قول "الشريف المرتضى" حينما

قال .(.فما نالَ المُنى فى العيش .....إلا غبى القوم أو فطِن تغابَى) .

  ...
...
...
...
...


بقلم / الهام حسنى 

       ..      


للمزيد من المقالات يمكنك زيارة الروابط الأتية :


جسد إمرأة بعقل رجل 


سبع مكالمات والمروحة   

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -