أخر الاخبار


مقالات- مفارقات و 3 مشاهد

مقالات- مفارقات و 3 مشاهد


قلب ينبض ببطء فيحتضر فتفارقه الحياة، هكذا أنت حينما تفقد إحساسك بالحياة وتتحول إلى حياة رتيبة، تتساوى نظرتك لكل ما يحدث فلم يعد للحياة معنى فما تطويه ضلوعك ليس إلا عضو ليخبرك أن جسدك لا زال فوق الأرض لم يواريه التراب بعد ، الكثير من البشر تعتريهم هذه الحالة،الكثير فوق الأرض بلا حياة والكثير الكثير حاقد على من يواريهم التراب فقد وجدوا ملاذهم أخيراً .

كلما تأملت فى هذه الحياة ستجد لا محالة حكمة الله فى إختلاف كل شخص عن الآخر فقد نكون إثنين نرى نفس الموقف ولكن كلانا يرأه بطريقته، وهنا تكمن مفارقات الحياة فلو لم يرى أحدنا من يسأل الناس المساعدة أنه بحاجة لها لمَّا إنقضت حاجته.




المشهد الأول : بإحدى عربات المترو الخاصة بالسيدات تصعد سيدة فى أواخر الثلاثين من عمرها، تسأل من تمر عليهم من مستقلي المترو أن يساعدها فهي ذات يد ملتوية ولا يقبل أحد أن يمنحها العمل هكذا هي تتحدث وتخبر الجميع ،وبينما تشكو حالها وفى ظل عدم إندهاش الجميع فقد إعتادوا على رؤيتها حتى أن منهم الكثير يستطيع أن يملى عليها ما تقوله حرفاً حرفا، إستوقف هذه السيدة فتاة فى مقتبل العشرين من عمرها تحمل صندوق به فأر توفقت سائلة إياها تقومين بالتجارب على هذا الفأر،فأجابتها الفتاة لتنكر ذلك قائلة "إنني أحب هذه النوعية من الفئران وجلبته للإعتناء به " ضحكت السيدة وبدأت تتابع خطواتها ضاربة كفها السليمة على كفها الملتوية ناقمة على الحياة مستنكرة الواقع مشفقة على أبنائها، وتردد أيهما أحق بهذا الترف الفأر أم أبنائي والله توفقت عن سؤال المارة، وظلت تمم بكلمات الحزن والأسى إلى أن توقف القطار فى إحدى المحطات لينتهى المشد الأول وتستمر معاناة هذه المرأة .



مقالات- مفارقات و 3 مشاهد
مقالات- مفارقات و 3 مشاهد..

المشهد الثاني : فى إحدى المناطق الفارهة بالقاهرة المكتظة بقاطنيها كلا" منهم لاهياً منشغلاً بحاله ،تسير تلك العجوز التي يبدو لي من تجاعيد وجهها أنها تجاوزت السبعين من عمرها راقبتها من بعيد، وهى تسأل من يَمرلأجل طعامها ، إستجاب لها  القليل ممن لم تشغله مكالمة هاتفية أو محادثة مع رفيق أو شك فى صدقها، أو من لم يتبقى لديه بعد خروجه من أفخم المحلات مالاً يمنحها إياها.

 ظللت أراقب حتى  وجدتها تنظر باكية موجه يدها إلى صندوق القمامة باحثة عن بقايا الطعام المتبقية من أصحابها حينها توجهت إليها منحتها ما إستطعت من مال ولكنى لم أستطيع منحها بذلك إبتسامة واحدة لم أستطيع التحدث بكلمة، وحين إلتقت عيني بعينها تمنيت حينها الموت، أو أنني لم أراقب هذا المشهد ، إنتهى برحيلي وسيرها متجاوزة الصندوق ولكن من يعي ما بالغد . 
..
مقالات- مفارقات و 3 مشاهد
مقالات- مفارقات و 3 مشاهد



المشهد الثالث :لا أعلم إلى أين سوف يقودنا هذا العالم فكل يوم من سئ إلى أسوء، ولكن أكثر ما يدمي قلبي هو أن أري شخصاً عاقاً لوالديه، إليكم المشهد ها أنا الآن فى إحدى دور المسنين وفى هذا المكان تأكد أن رحيلك لن يكون هادئاً مطلقاً ستثور وتتمنى لو تقابل أبناء من قابلت من الآباء،لتنهرهم وتوبخهم وستجد عقلك يسرد لك خطاباً عن بر الوالدين، ولكن توقف هل أنت باراً بوالديك ؟ هل عقلك أثناء سرده لكلمات اللوم لن يتوقف ويبوخك ؟
..

المشهد /  سيدة فى الثمانين من عمرها جلست إلى جوارها أحادثها لعلي أوقف عقلها عن التفكير فيمن خارج سور هذه الدار،لتسألنى قائلة، هل تردين منى أقص عليك قصتي ؟، لأجيبها نعم ولكن إذا كنتي تردين أنتِ ذلك أمي، حينها نظرت إلي مبتسمة وكأنها تشتاق أن يناديها أحدهم أمي .



مقالات- مفارقات و 3 مشاهد

مقالات- مفارقات و 3 مشاهد
..
أخبرتني قائلة أنا أتيت إلى هنا بمحض إرادتي ،رحل زوجي بعدما مََن الله علينا بأربعة أبناء، رحل وهم صغار وبعدما أنهى كل منه تعليمه وتزوج،أصبحت وحيدة بين أربعة جدران يأتون لزيارتي حينما تنقضى مشاغلهم ،أو حينما يريد أحدهم ترك أبنائه معي ولكني كنت سعيدة لذلك،وفى أحدى الزيارات تجمعوا جميعاً وأخبروني أنهم يرغبون في بيع مسكني ،وأن أذهب للعيش مع أحدهم فهم فى حاجة إلى المال،رفضت وبشدة لأنني أعلم جيداً لن أشعر بالراحة فى بيت أحدهم .

وكانت النتيجة إنقطعوا عن زيارتي كنوع من أنواع الضغط ظللت أفكر حينها كيف لي أن أكون السبب فى شعورهم بالإحتياج،لقد تقدم بي العمر لا أعلم متى سأرحل لا أريد أن أرحل ونحن فى قطيعة، تواصلت معهم وأخبرتهم بموافقتي ولكن سأعيش مع من منهم ،أخبروني أنني يمكنني المكوث مع كل واحداً منهم ثلاث شهور وهكذا أتنقل بينهم.

وافقت وبدأت معاناتي مع أبنائى رأيت أسوء ما فيهم منهم من  كان ينهرني، ومنهم من  كان يبغض تواجدي الدائم معه فأبنائه وزوجته يشعرون بعدم الراحة، ومنهم من كان يتركني أنام على أريكة صغيرة فهو لا يستطيع منحنى غرفة، وأبناءه يرفضون أن أشارك أحدهم غرفته،وبعد ستة أشهر أخبرتهم أنا أريد أن الذهاب إلى دار مسنين أقسم لكِ لقد رأيت أعينهم فرحة بحديثي إليهم وإن أبدوا لي فى البداية خلاف ذلك،وأتيت إلى هنا يأتون لزيارتي كل شهر أو إثنين حينما يتذكروني ،أو حينما أمرض ويخبرهم أحد من هنا.

توقفت السيدة عن الحديث وتمنيت حينها لو أنني لم أستمع إليها أو أقابلها،فكيف لقلبها المنهك تحمل كل ذلك،كيف له أن يتحمل كل هذه القسوة ،إنتهي المشهد ولكن لم ولن تنتهى معاناة الآباء مع أبنائهم فجحود الأبناء أكثر شئ قادر على كسر الآباء.

..



 بقلم / الهام حسنى

للمزيد من مقالات " ع النوتة " يمكنك زيارة الروابط الآتية ..
..





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -