رواية ليتني أراك بعيونهم أبي"الجزء السابع عشر"
عندما
تحدثت مع "مي"
قبل ذلك لاحظت حديثها ببطء ولكن كُنت أظن لأنها لم تتحدث معى قبل ذلك فقد تكون
متوترة لأجل ذلك.
مى:
بابا ..معاد الدواء بتاعك.
دكتور
محمد: مى ..
مى:
عرفت كدا نسيته فى البيت بالرغم من إنى أكدت عليك أكتر من مرة.
دكتور
محمد: سماح المرة دى يا مي أول ما نروح هاخده.. تحبى نروح دلوقت؟
مى:
لحظة يا بابا انا دايماً بخلى العلاج معايا احتياطى..اهو الحمدلله.
ظللنا
نستمع لحديث مى مع والدها ونحن فى حالة ذهول "مي" التى كانت تتعلثم
بالكلمات معى تتحدث جيداً مع والدها ..."مي" تحتفظ بدواء لوالدها بحقيبتها
غير الذى بالمنزل تحسباً لنسيان والدها الدواء بالمنزل.
إذاً
"مي" لديها مشكلة من تَعاملها مع العالم الخارجى ككل فعالمها الأوحد
والدها.
دكتور
محمد: شكراً جداً يا " أستاذ عماد" على الدعوة الجميلة دي،واستاذنك
نمشى أنا ومى.
بابا:
زهقت مننا يا دكتور محمد..خليك شوية كمان.
دكتور
محمد: سامحنى أنا ومى متعودين يومياً نقرأ الورد مع بعض والأذكار.. ومحتاج ارتاح
شوية كمان علشان دعوة على علشان عيد ميلاده.. بالرغم من ثقل اليوم دا عليا.
بابا:
أنا باشكرك جداً على تلبية الدعوة ويارب تكون بداية خير ما بينا يارب.
دكتور
محمد: أكيد طبعاً خير يا "أستاذ عماد".. بعد إذنك.
روان:
دكتور محمد.. هوا أنا ممكن اجى معاكم البيت.. أقرأ الورد معاكم واقول الأذكار؟
دكتور
محمد: طبعاً ياروان ممكن جداً.
أعلم
ما يدور بأذهانكم الآن ..
لماذا
طلبت من والد مى هذا الطلب الغريب الغير متوقع؟
والدى
ووالدتى وأحمد أيضاً فى حالة ذهول.
سأجيبكم
حقيقةً أرغب فى التعرف أكثر على حياتهم.. ذلك المنزل الذى كان مرتبط لفترة طويلة
بذاكرتى بالأشباح كيف يبدو من داخله، حياة مى ووالدها.
إجابة
هذه الأسئلة بداخل المنزل ليس بخارجه.
رحلت مع مى ووالدها دون حتى أن أطلب إذن والدى
ووالدتى بل وضعتهم أمام الأمر الواقع.
دكتور
محمد: إتفضلى يا روان.
روان:
شكراً يا عمو.
مى:
تحبى نفضل هنا ولا نطلع فوق يا روان.
روان:
ها.. زى ما تحبوا عادى يا مى مفيش مشكلة.
دكتور
محمد: مى خلينا فى غرفة المكتب كالعادة، أنا متأكد انها هتعجب روان ، خاصة إنها
صحافة واعلام.
توضأنا
استعداداً للصلاة وقراءة الورد والأذكار.
ولكن
لا استطع أن أصف لكم الراحة النفسية التى أشعر بها منذ دخولي هذا المنزل.
سأحاول
أن أصف لكم المنزل لتستمعوا بهذا الجو الرائع من السكينة والهدوء.
بعد
أن توضأنا دخلنا غُرفة المكتبة التى تَحدث عنها والد مي وكانت هذه الغرفة عبارة عن
جزأين.
الجزء
الأول: مكتبة بها كُتب كثيرة ومكتب صغير.
الجزء
الثانى: أشبه بالمُصلى ..نعم كما أخبركم
مُصلى به أرفف بها مصاحف وإمساكيات وكتب دينية والأرضية مغطاه بسجاد مثل المستخدم
بالمساجد منقوش عليه رسم سجادة الصلاة.
بدأنا
بقراءة الورد ثم الأذكار وبعدها بدأ والد مي بالدعاء كثيراً وبدأت عيناه تنهمر
بالدموع ..وفجأة ..
تركنا
وصعد إلى غرفته.
روان:
مي هو انتى مش هتتطلعى تشوفى عمو ..هو فيه إيه فجأة كدا اتغير؟
مى:
للأسف اللحظة الوحيدة اللى بابا بيمنعنى ان أشاركه فيها اللحظة دى.. بيرفض يخلينى
أشوفه وهو كدا..عالعموم هو هيصلى المغرب وبعدين هيرتاح شويه وهيبقى كويس.
روان:
هو كل يوم كدا ..آسفة فى السؤال يعنى كل يوم كدا بعد الدعاء بيحصله كدا؟
مى:
لا ياروان مش كل يوم ، اليوم دا بس..يلا نصلى المغرب.
صليت
أنا ومى واستأذنتها للرحيل وشعرت أنها استاءت من تواجدى فى هذا الوقت وكثرة سؤالى
فيما لا يُعنينى.
وطوال
طريقى للمنزل والذى لا يتعدى دقائق وأنا أفكر فى ثلاث جمل إثنين منهم لوالد مي
وواحدة ل "مي".
الجملة
الأولى: عندما كان يتحدث والد مي إلى والدى فقال "ربنا وحده اللى يعلم ثقل
اليوم دا عليا".
الجملة
الثانية: والد مي أثناء الدعاء ظل يردد "اللهم ردها إلينا عاجلاً غير أجل
يارب.. اللهم إرعها أينما كانت..." لم أنتبه لهذه الجملة أثناء دعائه ولكنى انتبهت
إليها عند رحيله.
الجملة
الثالثة: عندما سألت "مى" هل هذا يحدث يومياً مع والدك بعدما ينتهى من
الدعاء فكانت إجابة "مى" أن هذا لا يحدث إلا فى هذا اليوم فقط.
الآن
علمت لماذا والد مى بهذه الحالة ..
أتتذكرون
تاريخ اليوم؟
اليوم
12فبراير.. حادثة 12 فبراير.. اليوم الذى حُرم والد مي فيه من إبنته وزوجته، اليوم
الذى حُرم فيه بسبب أنانية والدي من عائلته، كان يدعو لأجل إبنته "دنيا"
التى تركها أبي بملجأ والتى رحل أستاذ حسام دون أن يُخبر أبى بمكان تواجدها أو أية
تفاصيل عنها.
يا
تُرى الأيام القادمة كيف ستمر، وصلت المنزل كان أحمد ووالدتي ووالدي يستعدون
لحفل "على".
صعدت
غُرفتى وقرأت وردى مرة ثانية لأننى أحب قرأته بغُرفتى، دخلت والدتى كٌنت أقرأ
لتُخبرنى بالاستعداد لأن "على" اتصل بأحمد.
وبعدما
أنهيت قرأءة وردى قررت عدم الذهاب لحفل "على" لم أستطع منع نفسى من
البكاء لاأستطع تَحمل كل ما يحدث.. كثير ما أشعر.. أنني - أنني - أكره والدى.
ظللت
أستغفر كثيراً.
ولكن
لماذا اللوم على والدك فقط يا روان لقد فعل ذلك لأجلنا؟
ولكن
كان لابد من أن يُفكر فى حياة هذه العائلة.
ولكن
الإنسان بطبيعته ينتابه شعور الأنانية المطلق فى بعض لحظات حياته ..
ولكن
ما ذنب مى ووالدها كان من المؤكد أن تكون حياتهم أفضل لو لم يدمرها والدي من
البداية؟
لا
تتجاهلى يا روان حقيقة أن كل ما يحدث لنا مُقدر، وأنه من المؤكد أن هناك خيرُ
قادم.
ولكن
كيف يكون الخير فى حرمان أب من إبنته وحرمانها من والدها وهما على قيد الحياة؟
استغفري
ربك يا روان وجاهدى نفسك وتحملى.
روان
الآن فى حالة صراع مع النفس.
ولكن
قررت عِوضاً عن أن يتولد بداخلى كره لوالدي سوف أحاول إصلاح ما حدث.. سأبحث عن
عنوان "أستاذ حسام" لأصل ل "دنيا" وأخبرها عن والدها وأختها..
سأصل إليها مهما كَلفنى الأمر.
رواية ليتني أراك بعيونهم أبي " الجزء السابع عشر "💓💓